الجمعية المصرية لحماية الملكية الفكرية
ندوة :"حماية حقوق الملكية الفكرية في مصر: مراجعات بعد التطبيق"
يوم الأحد الموافق 19 ديسمبر 2010
 

الجلسة الافتتاحية:


ألقى كل من الأستاذة / هدى أنيس سراج الدين رئيس الجمعية المصرية لحماية الملكية الفكرية والسيد اللواء / هيثم حمودة نائب رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية والسيدة المهندس / عصمت عبد اللطيف رئيس مكتب براءات الاختراع وسعادة السفير/ أمجد عبد الغفار مدير المكتب الإقليمي للدول العربية بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية الكلمة الافتتاحية للندوة.

وقد نوهت الأستاذة / هدى سراج الدين على أهمية إجراء مراجعة لقانون الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، وذلك في ضوء نتائج تطبيق القانون خلال السنوات السابقة، وخاصة في مجال براءات الاختراع والعلامات التجارية. وبالنسبة للتطور في المجال القضائي، أشادت الأستاذة / هدى سراج الدين بتجربة إمارة دبي الرائدة في إنشاء محاكم متخصصة لنظر المنازعات المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، وضرورة الاستفادة من هذه التجربة. وقد أكد اللواء / هيثم حمودة أن مصر من أوائل الدول العربية التي أصدرت تشريع لحماية حقوق الملكية الفكرية بإصدارها قانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية ومسايرة المشرع المصري للتطورات العالمية وانتهاء بإصدار القانون رقم 82 لسنة 2002، وهو قانون موحد لحماية حقوق الملكية الفكرية بالإضافة إلى انضمام مصر لمعظم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالملكية الفكرية.

وقالت المهندس /عصمت عبد اللطيف أن الحماية القانونية تشجع وتتابع تطور الإنسانية والابتكارات البشرية وتسبغ حمايتها للمخترعين والمبتكرين بما يساهم في استمرار عجلة التقدم والتنمية. وقالت أن مكتب البراءات المصري، في سبيل النهوض بدوره وزيادة كفاءته، يقوم بعقد اتفاقيات تعاون وتدريب مع المنظمات الدولية ومراكز البحث المتقدمة. وقد توجت تلك المجهودات بأن أصبح مكتب البراءات المصري هو إحدى المكاتب الأربعة عشر في العالم المنوط بها عمل الفحص التمهيدي والبحث الدولي وذلك بالنسبة للطلبات المقدمة باللغة العربية.

ودارت كلمة السفير/ أمجد عبد الغفار حول دور المكتب الإقليمي للدول العربية بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية في التعاون مع الدول العربية لمعرفة احتياجات الدول العربية في مجال الملكية الفكرية وتطوير النظم القانونية وإدارات التنفيذ فيها وشدد على ضرورة اشتراك مصر والدول العربية في المحافل الدولية بدور فعال لحماية مصالحها وإنشاء مراكز نقل التكنولوجيا بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية على غرار التجربة التونسية.
 

الجلسة الأولى: تطبيق القانون في مجال براءات الإختراع: المشاكل والحلول المقترحة


المنسق: الدكتور/ احمد الحكيم – مدير السياسات الخارجية لشركة بريستول مايرز سكيب

كلمة د/سمير منصور: الممثل الإقليمي لرابطة بحث وصناعة الدواء في أمريكا PhRMA
 

(1) نبذة عن PhRMA:

PhRMA هي المؤسسة الأمريكية لمنتجي الأدوية والبحوث الدوائية والتي تمثل كبرى الشركات الباحثة والمنتجة للدواء في العالم. وتقود الشركات الأعضاء الطريق لمكتشفات طبية جديدة حيث أن أعضاء فارما استثمروا ما يقارب 45.8 مليار دولار في الأبحاث سنة 2009 وهو جزء كبير من استثمارات الصناعة الدوائية والتي استثمرت بشكل عام حوالي 65.3 مليار دولار سنة 2009. ومهمة PhRMA الأساسية هي إيجاد سياسات عامة تشجع على اكتشاف الأدوية للمرض.

(2) المراحل التي يمر بها الدواء:

استعرض د/سمير منصور المراحل التي يمر بها الدواء وأوضح أن نسبة قليلة من الأدوية المكتشفة تستمر لتسوق بعد الاكتشاف حيث أن فقط 2.5% من المركبات الكامنة يستمر حتى تسجيل براءات الاختراع ومراحل قبل التجارب الطبية وفقط 0.5% من المركبات الكامنة تستمر لتصل المراحل 1.2.3 من التجارب الطبية والسريرية. وتستغرق مراحل التطوير حوالي من 10 إلى 12 سنة وحتى الوصول إلى تسجيل الدواء أي ما يقارب نصف مدة الحماية الممنوحة لبراءات الاختراع قبل أن يعرض الدواء في الأسواق.

(3) فوائد التطوير والبحث:

في خلال مرحلة التجارب الطبية يكون للتطوير والبحث فوائد عديدة حيث تسهم في زيادة حجم الاستثمارات وزيادة نسبة العمالة وتطوير المهارات والخبرات وزيادة القدرة التنافسية ومعالجة احتياجات قطاع الرعاية الصحية. أما بعد التسجيل فنشمل الفوائد القدرة على التصنيع والتغليف، واستخدام أيدي عاملة جديدة، والتدريب والتعليم الخاص بالأدوية الجديدة وإدارة الأمراض. أما بعد انتهاء براءة الاختراع فتشمل الفوائد المباشرة بإنتاج الأدوية الجنيسة ونقل التكنولوجيا وتطوير الصناعة المحلية.

(4) أهمية الملكية الفكرية في القطاع الدوائي:

للملكية الفكرية أهمية بارزة في صناعة الدواء ومنها: (أ) تحفيز الشركات على المزيد من الأبحاث لإنتاج أدوية مبتكرة جديدة، و(ب) مساعدة الدول خاصة النامية منها في عمليات نقل التكنولوجيا لمعالجة العديد من الأمراض، و(جـ) تطوير وابتكار المزيد من الأدوية التي تعالج الأمراض المستعصية كالأيدز والسل وغيرها، و(د) محاربة الأدوية المزورة والتي لها الآثار السلبية والخطيرة على المجتمعات بالإضافة إلى تسببها في عدم تحفيز الابتكار ومنع المجتمعات من الاستفادة من الابتكارات الجديدة.

(5) حماية البيانات المقدمة للسلطات الصحية:

في سبيل استخراج التراخيص اللازمة لتداول الأدوية، يتعين على شركات الأدوية تقديم بيانات مفصلة للسلطات الصحية المختصة وتخضع تلك البيانات لمبدأ حماية البيانات الواردة بالفقرة الثالثة من المادة 39 من اتفاقية التربس (TRIPS). وسبب تلك الحماية أن البيانات المقدمة من صاحب الابتكار للحصول على تصريح بالتسويق يجب أن لا تُستخدم من قبل طرف آخر إلا بموافقة صاحب الابتكار وذلك حماية لصاحب الابتكار من المنافسة غير المشروعة والتي تؤثر سلبا على الابتكار وبالتالي يتعين على السلطات الصحية أن تمنع عمليات قرصنة وذلك بالسماح لأطراف غير مخولة بالاعتماد على البيانات المقدمة من المبتكرين لتسجيل أدوية مقلًدة.

(6) تزوير الأدوية وتأثير ذلك على المريض والجهات الأخرى:

مما لا شك فيه أن للأدوية المزورة آثار سلبية بالغة على الإنسان قد تصل إلى حد الموت كما أن لها آثار سلبية على مصنعي الأدوية المبتكرة وعلى الدول. والأدوية المزورة هي المواد التي تصمم وتغلًف بطريقة لا يمكن تمييزها عن الأدوية الأصيلة الموجودة في السوق وفي الغالب لا تكون من ذات النوعية ولا توفر الأمان الذي توفره الأدوية الأصيلة حيث أنها قد تحتوي على محتويات خاطئة أو حتى لا تحتوي على الأدوية الفعالة.

وقد قدرت منظمة الصحة العالمية أن ما بين 8% إلى 10% من الأدوية الموجودة في العالم هي أدوية مزورة وترتفع هذه النسبة بالنسبة لبعض الأدوية في الدول النامية إلى 30%. وتبلغ مبيعات الأدوية المزورة في العالم سنويا حوالي 40 مليار دولار.

وفي سبيل محاربة التزوير يتعين تنسيق الجهود بين الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة في البلد الواحد داخلياً و خارجياً وتطبيق قوانين حقوق الملكية الفكرية بحزم وصرامة والقيام بحملات توعية من آثار استخدام هذه الأدوية وعمل برامج تعليمية وتثقيفية لموظفي الجمارك والأمن العام كون أن معظم الأدوية تدخل من خلال الحدود وتبني القوانين الرادعة بحق مرتكبي جرائم التزوير وتعديل القوانين الحالية لتُلائم حجم الجريمة المرتكبة.

وتعد الأردن مثالا يحتذي به في محاربة الأدوية المزورة فقد قامت في سبيل ذلك بتعديل القوانين لتصبح رادعة وتطبيق كامل لقوانين الملكية الفكرية وإنشاء محاكم متخصصة في هذا المجال وإعطاء دورات خاصة للقضاة بخصوص مخاطر التزوير.

 

ثالثا: مناقشة عامة:

(1) البيانات الفنية (Data Exclusivity):
دارت مناقشة عامة حول حماية البيانات الفنية التي يلتزم طالبوا تراخيص السلطات المحلية بتقديمها لتمكين السلطات الصحية من إجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من توافر شروط منح الترخيص. وقد أوضح د/حسام لطفي الفرق بين الأنواع المختلفة من البيانات التي تحميها تشريعات الملكية الفكرية والاتفاقيات الدولية على النحو الآتي:

(أ) المعلومات غير المفصح عنها: هي معلومات سرية، تجارية الطابع اتخذ مالكها أو صاحبها خطوات معتدلة لحمايتها، وهي حماية أبدية مادامت غير مفصح عنها.

(ب) البيانات الفنية (Data Exclusivity): وهي تمنح لمقدم ملف الحصول على طلب براءة اختراع حماية له من الغير الذي يتقدم، في وقت متزامن، بطلب الترخيص بتسويق منتج صيدلي، ولا تنطبق إلا إذا كانت السلطات الصحية قد طلبت الحصول على البيانات المتقدمة ويقع عبء إثبات التسريب على المدعي. وتكون مدة الحماية خمس سنوات من تاريخ تقديم البيانات للجهة المختصة.

(جـ) براءات الاختراع: تمنح لما هو جديد غير مسبوق، في أي زمان ومكان، مع القابلية للتطبيق الصناعي وعدم مخالفة النظام العام والآداب وتكون مدة الحماية عادة 20 سنة.
ولا وجه للتداخل بين المفهومين لأن من يطلب الحصول على حماية للبيانات بالتفصيل لا يضر بصاحب طلب الحصول على براءة الاختراع، بل يحمي ملف انفق عليه جهود عظيمة تستوجب الاحترام.

وفي هذا السياق، اقترح الدكتور/ أحمد الحكيم تعديل نص المادة 56 من القانون رقم 82 لسنة 2002 لتبدأ مدة حماية البيانات الفنية (5 سنوات) من تاريخ السماح بتسويق المنتجات الكيميائية الصيدلية أو الزراعية وليس من تاريخ تقديم المعلومات للجهات المختصة حيث أن في المتوسط يتم إصدار الترخيص خلال سنة من تاريخ تقديم المعلومات وهي فترة لا يستفيد مقدم الطلب خلالها من الحماية المقررة.

(2) المادة 17 من القانون رقم 82 لسنة 2002:
وناقشت الندوة ضرورة مراجعة نص المادة 17 من القانون رقم 82 لسنة 2002، حيث ناقشت مدى جدوى هذه المادة في ضوء سلطة الأجهزة المنصوص عليها في الاعتراض على البراءة بعد الإعلان عند الإشهار بالإضافة إلى حقها في إصدار التراخيص الإجبارية أو نزع ملكية البراءة إذا توافرت شروطهما.
 

الجلسة الثانية: تطبيق القانون في مجالات العلامات التجارية

المنسق: الأستاذة/ هدى أنيس سراج الدين

كلمة د/حسام لطفي: وكيل كلية الحقوق، جامعة بني سويف

(1) العلامات ثلاثية الأبعاد:
لم تنفي المادة 67 من القانون رقم 82/2002 على وجوب أن تكون العلامة التجارية القابلة للتسجيل والحماية ذات بعدين ، وأن في أغلب التشريعات يتم تسجيل وحماية العلامات ثلاثية الأبعاد ، وبالتالي، يتعين على مكتب تسجيل العلامات التجارية قبول الطلبات المقدمة بتسجيل العلامات ثلاثية الأبعاد .

(2) المؤشر الجغرافي:
لم يضع القانون رقم 82/2002 تعريفا دقيق للمؤشرات الجغرافية ، وخلط بين ثلاث مصطلحات تستخدمها اتفاقيات الملكية الفكرية وتشريعات الدول المختلفة، وهي دلالات المصدر (Indication of Source/Provenance) ودلالات المنشأ (Indication of Origin) والمؤشر الجغرافي (Appellation of Origin).

دلالات المصدر: هي دلالات تدل على مكان الصناعة أو الإنتاج ، وتشمل صنع واستخلاص وحصاد وتعبئة وتصدير وطرح للتداول المنتج ، وتنقسم دلالات المصدر إلى نوعين:

(أ) دلالات المنشأ (Indication of Origin): وهي مرتبطة بالعمل الفعلي وتشمل صنع واستخلاص وحصاد المنتج وبالتالي تعتبر جزء من دلالات المصدر ولكن على نطاق أضيق.

(ب) المؤشر الجغرافي (Appellation of Origin): هو تسمية المنشأ ويعتمد على المناخ والجغرافية والمهارة المميزة للمنتج ، والمؤشر الجغرافي لا يعني جودة معينة وإنما يوضح خصائص المنتج سواء من الناحية المناخية أو الجغرافية أو من ناحية مهارة الصنع.

وقد أخطأ القانون في استخدامه لمصطلح المؤشر الجغرافي لوصف دلالات المصدر ودلالات المنشأ بالإضافة إلى المؤشرات الجغرافية. وقد أسفر هذا الخطأ عن مشكلة كبيرة في العمل ، حيث أن الفاحص في مكتب تسجيل العلامات لا يستطيع التمييز بين المؤشر الجغرافي والعلامة التجارية.

وجدير بالذكر أن المشرع المصري خالف اتفاقية TRIPS بعدم منحه حماية إضافية للخمور والنبيذ كما هو وارد في المادة 23 من اتفاقية TRIPS.

(3) العلامات الجماعية وعلامات المراقبة:
(أ) العلامة الجماعية (Collective Marks): العلامة الجماعية تختلف عن العلامة التجارية، ففي حين أن العلامة التجارية غرضها تحديد مصدر المنتج، على خلاف العلامة الجماعية، وهي لا ترتبط بمنتج معين، وإنما يجوز أن يستخدمها أي عضو ينتمي إلى جماعة معينة تكون هي مالكة العلامة الجماعية.

(ب) علامة المراقبة (Certification Marks): تختلف علامة المراقبة عن العلامة الجماعية في أنها علامة يجوز استخدامها بإذن مالكها بعد أن يستوفي المستخدم الشروط التي يضعها المالك . وبالتالي فإن تسمية علامة الجودة بدلا من علامة المراقبة هو خطأ شائع ، حيث أن علامة المراقبة لا تعني بالضرورة جودة معينة ، وإنما يقتصر دورها على توضيح أن مستخدمها قد استوفى الشروط التي وضعها مالكها.

(4) Branding / Trade Dress:

هما مصطلحان غير قانونين ، يطلقان على الشكل الذي يقدم فين المنتج أو الخدمة للجمهور ، وقد يكون في حقيقة الأمر براءة اختراع أو علامة تجارية أو مؤشر جغرافي أو رسم صناعي، وقد لا يكون . ومثال ذلك المظهر العام الذي تستخدمه سلسلة مطاعم ماكدونلدز في دول العالم.

(5) العلامات المشهورة (Well-Known Marks):

أخطأ القانون في استخدام مصطلح العلامات المشهورة في المادة 68 من قانون رقم 82/2002 ، لأن اتفاقية التريبس تشترط أن تكون العلامة مشهورة جدا ، وقد اقترح تعديل التسمية لتصبح العلامات فائقة الشهرة أو العلامات المشهورة جدا.

والعلامات المشهورة جدا يجب أن تكون مشهورة عالميا وفى جمهورية مصر العربية لكي تتمتع بالحماية، ولو لم تكن مسجلة.

وفى التطبيق العلمي، تثور مشاكل بالنسبة لإثبات شهرة العلامة عالميا وفى مصر وذلك سواء أمام مكتب تسجيل العلامات أو القضاء، وسبب تلك المشاكل أن معيار الشهرة هو معيار نسبى. وفى جميع الأحوال يجب أن يقدم مدعى شهرة العلامة الدليل على ادعاؤه ، وهذه مسألة واقع يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ، وتخضع للسلطة التقديرية للمحكمة أو الجهة المطلوب منها حماية العلامة المشهورة جدا.
ويلاحظ أن منظمة الويبو لم تضع تعريف للعلامة المشهورة جدا، وان محاولة اتفاقية تريبس لوضع تعريف هي محاولة هزلية ، حيث أن من الناحية التطبيقية من المستحيل وضع تعريف جامع مانع للعلامة المشهورة جدا.

وفى نهاية الجلسة ، تم اقتراح تعديل المصطلحات الواردة في القانون لتتماشى مع الاتفاقيات الدولية والغرض منها ، كما تم اقتراح عمل استمارات مختلفة لتقديم طلبات تسجيل العلامات المختلفة لتتماشى على استمارة مع الشروط المطلوبة لتسجيل وحماية أنواع العلامات المختلفة.
 

الجلسة الثالثة: تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار في مجال الملكية الفكرية

المنسق: الأستاذ/ احمد أبو علي شريك
، مكتب حسونة وأبو علي

كلمة د/خالد عطية: شريك، مكتب سري الدين وشركاه والمدير التنفيذي السابق لجهاز حماية المنافسة

بدأ د/خالد بالحديث عن التحول إلى اقتصاد السوق وما استوجب ذلك من إصدار العديد من التشريعات الاقتصادية الحديثة، ومن أهمها قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 لتنظيم كافة المسائل المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية في إطار الالتزام الدولي بموجب اتفاقية تريبس وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005 لتنظيم ممارسة النشاط الاقتصادي على النحو الذي لا يؤدي إلى منع حرية المنافسة أو تقييدها أو الإضرار بها. ومن المهم في هذا الصدد التكامل بين سياسات حماية الملكية الفكرية وحماية المنافسة لتحقيق الأهداف المشتركة للقانونين، مما سيعود على العاملين في السوق والمستهلك معاً من فوائد، تؤدي إلى النهوض بالاقتصاد المصري. ويوجد تداخل بين القانونين حيث توجد نصوص واردة في قانون حماية الملكية الفكرية المتعلقة بالمنافسة، سواء فيما يخص براءات الاختراع أو المعلومات غير المفصح عنها أو غيرها من أوجه حقوق الملكية الفكرية.

وفيما يلي الأوجه المختلفة للممارسات الغير مشروعة والتي حددها قانون حماية المنافسة والتي تشكل انتهاكاً لحرية المنافسة في السوق:

1) الاتفاقات الأفقية Hardcore Cartels: وهي الاتفاقات بين أشخاص متنافسة في السوق إذا كان من شأنها التحكم في الأسعار أو اقتسام الأسواق أو تغيير عمليات التصنيع أو التوزيع أو التسويق أو التنسيق فيما يتعلق بالتقدم أو الامتناع عن الدخول في المناقصات.

2) الاتفاقات الرأسية Vertical Agreements: وهي الاتفاقات بين شخص وأي من مورديه أو عملائه إذا كان من شأن ذلك الحد من المنافسة. وعند فحص هذه الحالات، يجب النظر إلى كل حالة على حدة لبيان ما إذا كان الاتفاق أو التعاقد يؤدي إلى الحد من المنافسة من عدمه.

3) إساءة استخدام الوضع المسيطر Abuse of Dominance: وهي الأفعال المحظورة على كل شخص يثبت أن له وضع مسيطر في السوق، ومنها: الأفعال التي من شأنها أن تؤدي إلى عدم التصنيع أو الإنتاج أو التوزيع لمنتج لفترة أو فترات محددة، أو التي تؤدي إلى الاقتصار على توزيع منتج دون غيره أو الامتناع عن إبرام صفقات بيع أو شراء أو الامتناع عن إنتاج أو إتاحة منتج متى كان إنتاجه أو إتاحته ممكنة اقتصاديا وغيرها.

وهناك العديد من التطبيقات العملية للاستغلال التجاري لحقوق الملكية الفكرية التي يمكن أن تشكل انتهاكا لقانون حماية المنافسة، وذلك مثل الاتفاق بين أصحاب البراءات أو العلامات التجارية كمثال للاتفاقات الأفقية، والاتفاقات بين مالك البراءة أو العلامة والمرخص له باستخدامها كمثال للاتفاقات الرأسية، وحالات فرض شروط تعسفية لمنح الترخيص باستغلال البراءة أو العلامة كصورة من صور إساءة استخدام السيطرة.

واستعرض د/خالد الوضع القانوني في ظل اتفاقية تريبس والرقابة التي تفرضها على التراخيص غير التنافسية في التراخيص التعاقدية في المادة 40 من الاتفاقية، ثم استعرض ممارسات الدول الأخرى في مواجهة الممارسات الاحتكارية في الاستغلال التجاري لحقوق الملكية الفكرية، مثل وجود لائحة منظمة لكيفية تطبيق قواعد المنافسة على حقوق الملكية الفكرية في الاتحاد الأوروبي (Regulation No. 240/96)، وانطباق قواعد المنافسة الواردة في قانون شيرمان وقانون كلايتون وقانون لجنة التجارة الفيدرالية على حقوق الملكية الفكرية في الولايات المتحدة.

ومن الخطأ أن يكون الحديث دائما عن الاستغلال التجاري لحق الملكية الفكرية وليس عن حق الملكية في حد ذاته، ويجب ملاحظة ضرورة عدم اعتبار صاحب حق الملكية الفكرية محتكرا أو حتى في وضع مسيطر من الناحية الاقتصادية ما لم يتم إثبات ذلك من خلال التحليل الاقتصادي وفقا للتعريف الوارد في قانون حماية المنافسة.

وختاما، أكد الأستاذ/ احمد أبو علي على أهمية التعاون والتنسيق بين الأجهزة المعنية بالمنافسة والملكية الفكرية والأخذ بعين الاعتبار الأهداف المشتركة للقانونين والنظر إلى قواعد المنافسة الواردة في كل منهما بصورة تكاملية، وإيجاد آلية للتعاون المشترك في فحص حالات الاستغلال التجاري لحقوق الملكية الفكرية التي يترتب عليها ممارسات احتكارية. كما أوضح أهمية النظر في تفعيل النصوص الخاصة بالمنافسة في قانون الملكية الفكرية المتعلقة بالترخيص الإجباري والتعاون بين الأجهزة المعنية على نشر الوعي بسياسات الملكية الفكرية والمنافسة بين المتعاملين في السوق، واقترح النظر في إمكانية إصدار قواعد إرشادية توضح تراخيص الاستغلال المتوافقة مع القانونين وتلك غير المتوافقة معهما.
 

مقررا الندوة:

الأستاذة/ فريدة مرتضى – مكتب حلمي وحمزة للمحاماه
الأستاذ/ جمال احمد أبو علي مكتب حسونة وأبو علي للمحاماه
 

< رجوع

 

   
 

AEPPI Copyright © 2011, Developed by Artcells